طريق البازلت: أول طريق معبّد في العالم.. هل تعرف قصته؟
يوليو 8, 2025
منطقة ودان الفرس
يوليو 20, 2025

جبل قطراني

تتميز منطقة جبل جبل قطراني باحتوائها علي تراث طبيعي عالمي تميزت به عن باقي المناطق علي مستوي العالم, لما تحتويه من حفائر لحيوانات برية وبحرية ونهرية تخلفت بعد تغير البيئات القديمة وتراجع البحر وتغير مسار النهر واختلاف المناخ عبر الأزمنة السحيقة, ولكنها تركت لنا سجلاً تاريخياً متميزاً تحكي فيه كيف كانت الحياة عبر هذه الأزمنة وكيف كان المناخ وأين ومتي تراجع البحر وتقدم وما هي الأنواع والأجناس التي كانت تعيش في هذه الأزمان المختلفة سواء في البحر أو في النهر أو علي اليابسة. وهذا سجلاً تاريخياً متميزاً لم يتكرر مثيله علي وجه الأرض وذلك لجودة حفظ تلك الحفريات وتعدد أنواعها وأشكالها علي مر السنين بحيث أنك لو أطلقت الخيال واتسع بك المجال في قراءة علوم الجبال لرأيت هذه الصحراء الجافة عبارة عن بحر كبير تصب فيه قنوات نهرية كبيرة تنمو حولها الأشجار ولرأيت أعداد كبيرة من الحيوانات البحرية تسبح بجوار شاطيء البحر مثل الحيتان بمختلف أنواعها الكبير والصغير ولرأيت عرائس البحر وهي في أزهي صورها تتغذي علي حشائش البحر ولو دققت النظر لوجدت الترسة المائية تتحرك ببطيء شديد وهي تضع البيض علي رمال الشاطيء ثم تدفنه وترجع ثانية إلي البحر وكأنها تهرب من عدو بترصدها. ولا تتعجب عندما تري حيواناً كبيرأ ذو أربعة أقدام وذو رأس كبيرة ومرفوع الأنف وذو جسم ضخم يشبه الفيل يسبح بجوار الشاطيء ويتغذى علي حشائش البحر ثم يخرج إلي اليابسة مرة أخري ولا يغادر الشاطيء. ربما يخيل لك أن هذا هو فرس النهر! لا, إنه حيوان الموريثيريم أول أسلاف الفيلة الحالية والذي ظهر لأول مرة بهذه المنطقة. علاوة علي الكثير من الأسماك البحرية الضخمة وأسماك القرش التي لا تنتظر التفكير في التهام فريستها. علاوة علي استمتاعك بأشكال وألوان الأصداف البحرية المتراكمة علي شاطيء هذا البحر العظيم.

ولو حولت النظر قليلاً تجاه مصبات الأنهار الأتية من شمال شرق مصر إلي هذه المنطقة والمحملة بكميات كبيرة من الطمي والمعادن المذابة بالمياه والتي تصب داخل البحر وحول اليابسة والتي تسببت في نمو الغابات الموسمية الكثيفة ذات الأشجار الخشبية فارهة الطول حيث تري بعض الأشجار يصل طولها إلي 40 متر ويزيد سمكها عن مترين, وتمتد هذه الغابات مسافات كبيرة بالمنطقة, ولو تجولت داخل هذه الغابات تري ما لم يري للناظرين من قبلك, لوجدت كميات هائلة من الحيوانات التي لم تراها من قبل ولا يوجد لها في عصرنا الحالي مثيل تسكن هذه الغابات وتغذي علي ما فيها. فمثلاً تري حيواناً كبيراً ضخماً يشبه الفيل الحالي ولك الغريب انه بدون خرطوم ولكن ذو أربعة قرون, اثنين أماميين كبيرين والآخرين خلفيين صغيرين, إنه حيوان الارسينوثيريم وهو من أغرب الحيوانات التي ظهرت بالمنطقة.ولو نظرت هناك لوجدت حيواناً ضخماً أخر ولكن أقل من الارسينوثيريم, تجد رأسه ممتدة إلي الخلف قليلاً ويظهر عند أنفه بداية خرطوم صغير, لا تقلق إنه حيوان الفيوميا وهو أحد أسلاف الفيلة بعد الموريثيريم. وهناك خلف بعض الأشجار سوف تري أعداد كبيرة جداً من قطائع الوبر الصخري ذات أحجام كبيرة لم تعتاد رؤيتها من قبل حتي أنك من الممكن أن تري الواحدة نمنهم تعادل حجم الخروف. وبتوخي الحذر يمكنك رؤية بعض الضباع والذئاب (تختلف قليلاً عن تلك الموجودة حاليا)ً تترصد فرائسها داخل هذه الغابات. ومن الممتع والمثير أن تري كميات لا باس بها من أنواع مختلفة من القردة (المختلفة في أشكالها عن تلك الموجودة حاليأ) متسلقة الأشجار وتتغذي علي الفواكه الموجودة بها ومن أشهر تلك القردة قرد الايجيبتوبيثيكس أو القرد المصري وأنواع أخري عديدة منها.

  • ولو نظرت هناك لوجدت عدد كبير من البرك الصغير ذات المياه العذبة والتي تتكون عند نهاية المصب والتي ينمو حولها عدد كبير من الأشجار الاستوائية وشبه الاستوائية, ولكن توخي الحذر عندما تقترب من هذه البرك لأنها مسكونة بأعداد كبيرة من التماسيح الضخمة والتي تلتهم كل ما يقترب منها. ولكن لا تفوتك رؤية التمساح وهو يلتهم احدي فرائسه عندما تتجه إلي هذه البركة لتشرب منها وخاصة الوبر والذي يمثل وجبة شهية لهذا التمساح المفترس ولكنه لا يستهوي أكل رأس الوبر ويفصلها عن الجسد ويرميها.
  • ولو نظرت تحت أشجار الغابة وداخل أعشابها لوجدت السلحفاه الجميلة في حالة سكون تام هانئة ببيئتها الهادئة ذات الغذاء الوفير.
  • ولو نظرت حولك في كل مكان بهذه الغابات الغريبة لوقعت عينك علي كل ما هو ممتع ومثير لدرجة أنك يمكن أن تري النمل الأبيض يسير في مواكب منتظمة من وإلي أعشاشه لجلب الغذاء أو لتنظيف العش.
  • و لكن ما حدث بعد ذلك هو فترات كبيرة من الجفاف القاحل خيم بظلاله علي هذه الغابات المزدهرة بالحياة وتسبب في موت معظم الأشجار والحيوانات والأعشاب ما عدا ما استطاع منها مقاومة هذه الظروف الصعبة.
  • و ما أن مرت السنين إلا وبدأت الفيضانات مرة أخري من شمال شرق مصر شيئاً فشيئاً وغطت تماماً أطلال ما خلفه الجفاف ثم أزهرت حياة جديدة بغاباتها وحيواناتها ثم تكررت حالات الجفاف والفيضان علي مدار أعوام كثيرة ثم تقدم للبحر في بعض الأحيان حتي انتهت هذه الحياة تماماً منذ 30مليون سنة.
  • بعدها حدث بالمنطقة إنفجارات كبيرة وزلازل مدمرة تسببت في خروج صخور البازلت المنصهرة والتي غطت المنطقة والتي أصبحت غلافاً للسجل التاريخي العظيم للأرض بهذه المنطقة.

و قد سمي جبل قطراني بهذه الاسم نسبة إلي صخور البازلت ذات اللون الاسود