قصر الصاغة – معبد العمال المصريين القدماء – (تراث ثقافي)
قصر الصاغة هو المعبد الذي بناه عمال الفراعنة أثناء نقل البازلت وذلك للعبادة والسكن بجواره. وهو معبد فرعوني منذ خمسة آلاف عام خلال المملكة القديمة والذي بناه عمال التحجير والذين كانوا يقومون بتقطيع البازلت من قمة جبل قطراني غرب منطقة ودان الفرس ثم نقله عن طريق الجر علي جذوع الأشجار علي طريق ممهد من قمة جبل قطراني حتى منطقة قصر الصاغة حيث الشاطيء القديم لبحيرة موريس (بحيرة قارون حالياً) بجوار الميناء القديم الذي بني مباشرة علي شاطيء البحيرة تمهيداً لنقله عن طريق المراكب داخل البحيرة تم القناة التي تربط بحيرة موريس بنهر النيل ثم إلي منطقة الاهرامات بسقارة وبالجيزة وذلك لاستخدام هذه الأحجار في بناء أرضيات الاهرامات وأيضاً في بناء المقابر لتقديسهم لهذه الأحجار السوداء التي تشبه طميه نهر النيل ولاعتقادهم أن هذه الأحجار تمنع تحليل جثث الموتى . وقد استمرت عملية تحجير حجر البازلت من جبل قطراني من مائة وخمسين إلي مائة وسبعين عاماً. ورغم وجود البازلت في عدة أماكن داخل الصحراء المصرية مثل طريق مصر السويس والواحات البحرية إلا أن منطقة جبل قطراني كانت تعتبر أقرب وأسهل منطقة لنقل حجر البازلت إلي أماكن استخدامها في ذاك الوقت.
في قلب الصحراء المصرية، حيث تَخْفُت آثار الزمن تحت رمال آلاف السنين، يقف قصر الصاغة شاهدًا على إرادةٍ إنسانيةٍ خلَّدت اسمها بين طيات التاريخ. معبدٌ فرعوني فريد بَنَته أيادي عمال المحاجر المصريين القدماء بأنفسهم و لأنفسهم قبل خمسة آلاف عام، ليس كرمز للسلطة، بل كواحةٍ للروح والإيمان. قام العمال ببناء المعبد بينما كانوا يعملون بكل جهد و مهارة في تقطيع البازلت الأسود ثم نقله من جبل قطراني إلى قلب الحضارة. هؤلاء العمال لم يكونوا مجرد حجّارين، بل كانوا أصحاب عقيدة، فشيّدوا هذا المعبد البسيط لعبادة الإله سوبك – التمساح الجبار الذي كان يملأ البحيرة ويُرهب الجميع بقوته. بنوه من الحجر الرملي الأصفر، بسبع غرف للتعبد وغرفتين للكهنة، دون نقوش أو زخارف، فالمكان كان للصلاة لا للاستعراض. ورغم أن المعبد يبدو بطابق واحد، إلا أن شواهد أثرية تشير إلى أنه كان يتكوّن من طابقين، مما يجعله من النوادر المعمارية في زمنه. حوله تنتشر بقايا منازل ومقابر مبنية من الطوب اللبن، عاش فيها أولئك الحرفيون، وتركوا خلفهم قصة صامتة عن حياة كاملة من العمل والإيمان.
قصر الصاغة ليس مجرد أطلال، بل هو قطعة نابضة من التاريخ، تحمل بين جدرانها قصة أناس مجهولين أحبوا آلهتهم، وتركوا لنا إرثًا خالدًا في عمق الرمال.
الميناء القديم – البوابة المائية لأحجار الأهرامات – (تراث ثقافي)
هي عبارة عن مرتفعات منفصلة علي شاطيء بحيرة موريس القديمة استخدمه الفراعنة في تشوين ونقل البازلت الذي تم نقله من قمة جبل قطراني عن طريق المراكب إلي مناطق الاهرامات. يوجد تراكمات كثيرة من أحجار البازلت أعلي هذه المرتفعات كانت مجهزة لنقلها.
على الضفاف القديمة لبحيرة موريس، ترتفع مجموعة من التلال المنفصلة التي كانت شاهدة على واحد من أقدم وأعظم المشاريع الهندسية في التاريخ المصري القديم. هنا، حيث ينتهي طريق البازلت العظيم الممتد من قلب جبل قطراني، كانت تقف محطة استراتيجية تُعرف اليوم بـ”الميناء القديم” – نقطة الانطلاق الأخيرة لحجارة البازلت المقدسة في رحلتها إلى بناء الأهرامات. في هذه المنطقة الساحلية، كانت أحجار البازلت الضخمة، القادمة من خمسة محاجر عليا، تتجمع في انتظار تحميلها على المراكب التي كانت تجوب مياه البحيرة، ومنها إلى القنوات المتصلة بالنيل، ومن ثم إلى الجيزة وسقارة، حيث كانت تُستخدم في تبليط أرضيات المقابر والممرات الملكية. وقد كشفت البعثات الأثرية عن تكدسات منظمة من كتل البازلت فوق هذه المرتفعات، وكأنها جاهزة للنقل، متأهبة لبدء رحلتها الخالدة نحو المجد المعماري. إن هذا الميناء لم يكن مجرد نقطة نقل، بل كان حلقة حيوية في شبكة لوجستية مذهلة صممها المصريون القدماء بدقة، ليجعلوا من أحجار البازلت السوداء جسراً بين الجبل والمعبد، بين الطبيعة والخلود.